إن ما يميز الموسيقى عن بقية الفنون والعلوم الأخرى أنها عرفت كعلم رياضي يشيد على قواعد الأنغام. وهي أيضا هندسة صوتية تتألف منها نغمات معبرة عما نشعر به النفس من مظاهر الحياة (حافظ، 1988، ص1)، كما عرفت بأنها ( فن وأنغام تدون وتقرأ بنفس السهولة التي نقرأ بها الكلام الذي ننطقه أو نكتبه، يلزم لقراءة الموسيقى وفهم هذه القراءة معرفة الرموز التي تنظمها.) (دانهاوزير، 1972، ص5)، وهي بذلك تصبح نسيجا متفردا بين المعارف الانسانية يصعب تعريفها كعلم أو كفن أو كلغة، ولكنها تتلمس مختلف الجوانب من المعارف الانسانية تجتمع فيها عدة تعريفات.
لقد سبقت الموسيقى كافة العلوم الى العالمية، فكل إنسان خبر تجربة ممارسة الموسيقى في مرحلة من مراحل حياته، وقد ورد في كتاب فن تربية الصوت وعلم التجويد ( إن صراخ المولود لا يدل على تألمه، بل مساعدة لعملية التنفس والمزامير الصوتية التي لم تكن قد تفتحت بعد، وانتظام حركة الصريخ عند الطفل سببها انتظام في حركة التنفس، فالصريخ والحركة أو بالاصطلاح الموسيقي (النغم والايقاع) وهما أول دلائل الحياة (عبد الخالق وحافظ، 1984م، ص 16)، عليه فإن عالمية الموسيقى ارتبطت بميلاد ونشأة الانسان، لذلك فالعولمة بمعناها الشامل، قد تم التوصل إليها عبر تجارب عديدة خاضها الانسان في رحلة حياته، وبالتالي تكونت تلك المفاهيم الخاصة بها، أي أن العولمة جاءت في مرحلة تالية للموسيقى بمختلف فنونها وألوانها مقارنة ببقية العلوم الأخرى التي تدخل في نطاق الاقتصاد والتجارة والرأسمالية والاعلام والطفرات التكنولوجية الحديثة.