“إن اجمل ما يمكن أن نشعر به، هو الشعور بالجانب الغامض من الحياة المتمثل بذاك الشعور العميق الفاني في مهد الفن والعلوم الحقيقية، وإن من لم يعد يستطع أن يشعر بالتساؤل أو بالدهشة حولهما، فإنه إنسان ميتٌ تقريباً وعيناه قد أطفأتا”. البرت إينشتين- العالم كما أراه
وقديماً قال الغزالي “من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج”/ إحياء علوم الدين
تعمدت أن آقتبس من علمين يمثلان حضارتين متباينتين وينتميان إلى عصرين مختلفين كي يكون هذا الإقتباس مدخلاً إلى موضوع هذه المقاله ” فلسفة الفن وعلاقة الفن بالطبيعة والإنسان والعلوم”
للفن علاقة وثيقة بالعلم، فالعلم والفن وجهان لعملة واحدة، تتجلى فيهما روعة التناسق السمعي والبصري ويتجلى فيهما إبداع الخالق سبحانه وتعالى حيث أن قوانين العلوم الطبيعية ما هي الا إستقراءٌ واستنباطٌ للقوانين الكونية التي خلقها الله لتنظم هذا الكم الهائل من الاجسام العملاقة والمتناهية في الصغير والتي تتحرك بصورة دائمة لا سكون فيها، فإذا كان دور العلم هو اكتشاف تلك القوانين وتصنيفها والتعبير عنها بصيَغً رياضية تنتهي إلى تطبيقات عملية، فإن دور الفن بكل تجلياته وتمظهراته هو التعبير عن جمالية هذا التناسق البديع في شتى أجزاء الكون، فالفن والعلم هما كنز مطمور في أعماق النفس البشرية
في اعتقادي أن الإنسان يولد وهو عالم بكل شيء ولكنه لا يمتلك آلة التواصل معنا نحن البالغين أي أن الطفل يعيش مرحلة اللاوعي والتي تعتبر الذاكرة الحقيقية التي خُزنتْ فيها الحقائق المطلقة وقيم الجمال والقبح المطلق التي علمها الله سبحانه وتعالى لآدم واختصه الله بعلمة والذي جعل الملائكة يقعون له ساجدين. يبدأ الطفل رحلته في إكتشاف العقل الواعي الذي يبدأ بناءة يوماً بعد يوم مع تراكم الخبرات وتعلم أبجديات التخاطب والتواصل مع الإقران من بني البشر، وكلما ازداد محيط العقل الواعي كلما تقلص دور العقل اللاواعي وأنزوى في منطقة بعيدة قد لا يصلها االإنسان الا في مرحلة الإحلام العميقة أو حتى الموت لدى بعضهم، لذا يسمى الموت باليقين.
لذا فإن تعلم وممارسة الفنون يعتبر نافذة للولوج إلى عوالم اللاوعي وإقتباس شيء من قبس الجمال المطلق الكامن في آعماق النفس البشرية.
